كنت في الاسبوع الماضي غارقه لأذني في قراءة رواية طويله لطالما حلمت بإقتنائها وإن لم يتحقق لي الحلم كاملا ولكن لا بأس بتحقيقه جزئيا فحصولي على نسخه الكترونيه لها .يمكن نعته بالنعمه ..
الروايه التي اتحدث بصددها الأن هي رواية ( جين إير ) للكاتبه البريطانيه تشارلوت برونتي .
قصة الفتاه التي طحنها القدر فأخرج منها خلاصه تعد هي مزيج من الصدق والاخلاص والحب الصادق الغير المشروط .
وكعادة حظوظي التي قررت مخالفتي في الفتره الاخيره حصلت على نسخه ورقيه للروايه ولكن باللغة الانجليزيه فأنا اقر بأني لا احب قراءة الروايات إلا باللغة العربيه الفصحى الملآى بالمعاني والمفردات التي تسلب اللب مع روعتها .
فأنا مع إحترامي الشديد لكل محبي قراءة القصص الغير مترجمه ..اشعر ان اللغه الاجنبيه جافه لحد ما ..ليس بها بذخ في الكلمات والمعاني كلغتنا العربيه الفصحى.. فالاولى تعطي لي شعور بتبلد المشاعر وتوقف المعانى عن الانتشار .
ولكن الحظ مالبث ان رجع لي مزهوا عندما عرفت ان نسختي الالكترونيه هي النسخه الكامله للروايه بأجزائها الثلاث بعكس الاخرى فكانت مختصره لحد بعيد ذاكره بين سطورها المحاور الاساسيه للقصه دون الدخول في ادق التفاصيل .
فبنسختي كان لوصف الحوار الداخلي للأبطال وتعاملهم الغير واقعي لبعض المواقف نصيب الاسد.. وهذا ما سلب لبي في قراءتي للروايه وجعلني محملقة العين في قراءتها لسبعة ايام متواصله حرمتني في بعض الايام من إتباع النظام الغذائي الموجود المنزل وإكتفائي بأكل لوح من الشكلاطه و كميه وافره من البطاطا المقرمشه ( تشبس ) والمكسرات واضعتهم بجانبي بينما كنت أقرأ .
طبعا لن يستوعب حالتي هذه سوى مغرم واقع لأذنيه في حب قراءة القصص والروايات ..
تتحدث القصه في مقدمتها على معاناة الطفله جين إير بين براثن زوجة خالها المتوفي وأبنائها السيئ الاخلاق تتقدم قليلا لتتحدث عن معانتها أثناء إلتحاقها بالمدرسة الداخليه ( لوود ) لمالكلها القس ( بيروكهيرست ) الذي تبرعت له زوجة خالها قبل التحاقها بمدرسته بتشوية صورتها امامه إمعانا في إذلالها وسد أي طريق قد تؤدي لسعادتها مستقبلا ..هذا التصرف جعل الطفله المسكينه ترتعد خائفه كلما تقدم منهم مالك المدرسة وخوفها من اهانتها امام الطالبات والفشي بالاكاذيب التي اشعتها عنها زوجة خالها ..ولكن الذي حدث اودى بالبقية الباقيه من مقاومتها :
جزء من الحدث :
( كنت اثناء التقاط حديث مستر بروكلهيرست ومس تمبل من قبل لم اغفل اتخاذ الحيطة لضمان سلامتي الشخصية التي خيل إلي أنها تغدو معرضة للخطر إذا انا استفلت الانتباه ومن اجل هذه الغاية انكمشت في المقعد وبينما كنت اتظاهر بالانهماك في مسألتي الحسابيه أمسكت لوحي الاردوازي بطريقة تخفي وجهي ولعلني كنت افلت من الانتباه لولا أن لوحي الغادر انزلق من يدي بطريقة ما فوقع محدثا جلبه اجتذبت الانظار نحوي مباشرة! وأدركت ان كل شئ قد إنتهى.فانحنيت ألتقط حطام اللوح واستجمعت قواي لأسوأ مايأتي به الظرف وسرعان ما أتى ...فقد قال مستر بروكلهيرست ( يالها من بنت مهملة !) ثم اردف في الحال( أرى أنها التلميدة الجديده ) وقبل أن أتمالك نفسي قال ( يجب الا أنسى أن لدي كلمة بشأنها) ..ثم أستطرد بصوت أعلى وأيما علو! ( لتأت الطفله التي كسرت اللوح إلى هنا .)
:
:
:
الاحداث تطول ويزداد تشويقها.. ولكنها تتخطى عشر سنوات لتعرض بداية حياتها خارج مدرستها الداخليه التي مكثت بها كطالبه ومعلمه من بعدها .
يبدأ الجزء الثاني من الاحداث في قصر ثورنفيلد وبداية قصتها مع سيد القصر مستر روسشتر ..ولكن ليس كأي بداية تقليديه فالقصه تبدأ قبل تعرفها عليه بل قبل معرفة هويته هو بهذا القصر ايضا عدا كونه المالك له.. فيجدر الذكر ان ولوجها لقصر ثورنفيلد كان بغرض تدريس الطفله (اديل ) الفرنسيه التي تعيش بنفس القصر ولها من القصص الكثير .
الفضول هو الراوي لبداية التعرف على سيد القصر..حوار بين جين اير وخادمة سيد القصر مسز فايرفاكس..
.فاستمعوا له :
(.........قلت ( يأي نظام تحافظين على هاتين الحجرتين يامسز فايرفوكس فلا غبار ولا ملاءات تغطي الأثاث ؟ لولا هذا الهواء البارد لحسب الإنسان أنهما لا تستعملان يوميا !)
- كيف يامس اير إن زيارات مستر روشستر نادره ولكنها تجئ فجائية وعلى غير إنتظار ! ولما كنت أعلم أن يمتعض إذا شاهد شيئا غير منظم أو يحتاج الى ترتيب عاجل
- هل مستر روشستر رجل مدقق يصعب ارضاؤة ؟
- ليس الى هذا الحد ولكن له ذوق السيد النبيل وعادته لذلك يحب ان يرى كل شئ متسقا مع الذوق وهذه العادات .
- هل تحبينه ؟ وهل هو محبوب بوجه عام ؟
- أوه .نعم إن أفراد يلقون الاحترام هنا دائما ومعظم الاراضي في هذه الناحية على مدى يصل إليه بصرك كانت فيما مضى ملكاً لهم !
- دعينا من الاراضي فهي خارجه عن موضوعنا وإنما انا أسألك: هل تحبينه ؟ وهل هو محبوب لشخصه ؟
- ليس لدى مايحملني على ان اشعر شعورا أخر واعتقد ان مستأجري أراضيه يعتبرونه مالكا عادلا متحرراً وإن لم تطل إقامته بينهم.
- أليست له تصرفات شاده ؟ وماهي بالاختصار أخلاقة ؟
- أوه عن اخلاقه لا غبار عليها فيما أعتقد ولكنه قد يكون أصبح على شئ من الشذوذ بعد أن أقام برحلات عديدة وشاهد كثيرا من أرجاء العالم وفي وسعي أن أقرر أنه رجل أريب وإن لم يطل حديثي معه يوما من الايام.
- وماهو موضع شذوذه ؟
- لا أدري ولا يسهل وصف ذلك وان كنت تحسينه عندما تتحدثين اليه فلا تدرين جيدا اهو يمزح او يجد أهو مسرور أو على النقيض ! وقصارى القول انه لا يتسني لك ان تفهميه جيدا .أو على الاقل اني انا نفسي لا أفهمه ولكن ماذا يهمني من ذلك مادام سيداً على جاني من الطيبه ؟!
كان هذا كل ماظفرت به من مسز فايرفاكس من مخدومها ومخدومي فإن هناك أناسا ليست في رأسهم أيه فكره على رسم صورة تخطيطية للأخلاق أو ملاحظه ووصف النقاط البارزه سواء في الاشخاص أو الاشياء ويبدو أن تلك السيده الطيبه من هذا الصنف
:
:
:
.........)
كان هذا جزء من وصف سيد القصر وهو البدايه الغير واضحة المعالم لقصة حب هي اروع ماجمعت بين ثنائيين حتى الآن بنظري .
السبب الذي دعاني لكتابة هذا المقطع دون غيره مع العلم ان البعض قد يظن بصحة عقلي في كتابة جزء يعد عاديا جدا ولا يحق انتقائه من بين سطور الروايه.
ولكن اسمحوا لي الدفاع عن رؤيتي للموضوع .
فالذي دعاني لكتابة هذا الجزء بالضبط هو تحليل مس جين إير لشخصية مدبرة المنزل العجوز ( مسز فايرفاكس ) عندما قالت استخلاصا لحوارها معها
(إن هناك أناسا ليست في رأسهم أيه فكره على رسم صورة تخطيطية للأخلاق أو ملاحظه ووصف النقاط البارزه سواء في الاشخاص أو الاشياء)
وهذا ما أهمني فقط من الحوار .. نتيجه اكثر من رائعه لما بين السطور وعلى فكره هذا ماتتميز به فصول الروايه دون عن غيرها اقصد التحليل والتمحيص ومحاوله سبر اغوار خيوط القصه وأبطالها فأي شخص لا يعشق هذا النوع من السرد فليترك قراءة القصه فورا ولا يرجع لفكره قراءتها مجدداً.
أظني أنني أطلت الحديث فهذا يعد لي أطول رساله أكتبها بمدونتي حتى الأن . ولكن فعلا الروايه تستحق اكثر من ذلك بكثير..حتى أني أصابعي تركت الكيبورد أسفه..فالذي موجود بالراويه أكثر بكثير من قدرتي على سردها جميعا بنقاط محدده.
اه ملاحظه اخيره يجدر بي اخباركم بها : القصه تسلط الضوء بشكل كبير على الدين المسيحي بحيث يزداد وضوحا بأحد فصول الروايه ( الكامله ) .. لذلك أعجابك بالروايه يجب ان يتجرد من هذا الاعتبار .مع العلم اني وجدت ان بها تجسيد للأخلاق والمبادئ والتمسك بأهداب الرسائل السماويه ما عجزت عنه مائة روايه لكاتب مسلم من إظهارها للأسف.
قراءة ممتعه ..